‏"إيفانجيليون" عبارة عن خرا

 


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين

من عنوان هذه المقالة يتوقع البعض أن تكون من نوع "درس في خيبة الأمل"، حيث أغوص في عمق أنمي كانت آمالي فيه عالية، وأطرح بعدها كيف خاب أملي. لكن بالنسبة لإيفانجيليون، فإن هذا المنهج لا يجدي نفعًا، إذ لم أشعر بذرة من خيبة الأمل بينما كنت أشاهد هذه القمامة. لا، عزيزي القارئ، لم أشعر سوى بالغضب من الخرا الذي أشاهده، لأن هذه السلسلة أهدرت وقتي بأحد أكثر الطرق تعقيدًا وإحباطًا التي شهدتها على الإطلاق.

كانت توقعاتي لإيفانجيليون عالية بشكل معقول لما بدأت المشاهدة. لأني وبكل بساطة لم أسمع سوى أشياء إيجابية من أشخاص أحترم آرائهم في عالم الأنمي، باستثناء النهاية، لكن عادي، يمكنني الاستمتاع برحلة جيدة وأنزل قبل المحطة الأخيرة في وادٍ عميق. قيل لي إن بإمكاني مشاهدة الأفلام إذا كانت نهاية السلسلة قد تركتني أتوق لمزيد من النتائج الحاسمة.

وبينما أشاهد وأنا أبحلق وخلايا مخي تموت، كنت أبحث عن سر نجاح إيفانجيليون وكونه عمل أيقوني كما يزعم كثير من الخلق، هذا العملاق المؤثر في عالم الأنمي الذي لا زالت تأثيراته محسوسة حتى اليوم. خرجت بما كنت أعلم أنه أسباب موضوعية لشعبيته، وبقناعة تامة أن هذا الخرا القمامي واحد من أسوأ العروض التي شاهدتها على الإطلاق. لكن للتطرق إلى إخفاقات إيفانجيليون، ينبغي النظر إليها في أجزاء مختلفة، لأن أعمال السلسلة المختلفة تختلف بشكل كبير في الجودة، وفقط بعد أن يتم فحص كل منها يمكنني تناول السلسلة ككل. يمكن تقسيم معظم الوسائط إلى تلك البنية الأساسية المكونة من ثلاثة أجزاء، وإيفانجيليون يتبع ذلك عن كثب، لذا سأبدأ بالجزء الأول.
"صورة غلاف جميلة ورسم حلو لا تستحقها هذه القمامة"

ثلث السلسلة الأول من إيفانجيليون متوسط (Mid) الجودة، وهذا أقل ما يقال في حق هذه القمامة. وجود إيفانجيليون ذاته مهانة لتصنيف الميكا بكبره، كما يفكك الكثير من التقاليد المرتبطة بهذا التصنيف، بداية بالقصة العادية المتوقعة من أي عمل -إلى حد ما-. شينجي إيكاري، ولد في الرابعة عشرة من عمره، يتم تجنيده -من قبل والده الغريب عنه- لقيادة أحد الآليين العملاقة (إيفانجيليون) لمحاربة الوحوش الغازية. يتكون الطاقم الرئيسي من شينجي، وزميلاته ري وآسكا، بالإضافة إلى الراشدين المحيطين بهم الذين يشرفون عليهم ويدعمونهم.

أكبر عيب في الجزء الأول هو ما يعيق السلسلة ككل؛ فليس هناك أي من هذه الشخصيات محبوبة. شينجي متذمر وغير فعال؛ فافتقاره للقدرة على اتخاذ القرارات يسهم في موضوعات السلسلة المتعلقة بتدهور الصحة النفسية، ولكنه ينتج أحد أضعف الشخصيات الرئيسية الممكنة. يشعر بأنه مجبر على قيادة الإيفا، ووالده لا يحبه، والحياة سيئة. يمكن أن يُعتبر طفلًا لطيفًا، لكن ذلك ينبع أكثر من كونه بلا أي شخصية وعديم الرجولة وحتى الأنوثة! فعلاً، شخصية فارغة لدرجة ألا يقدر على تتجاوز مشاكله النفسية.

في الجزء الأول، راي مثيرة للاهتمام بشكل عادي. لها أقوى التصاميم في السلسلة، وشخصيتها الباردة تضفي عليها درجة من الغموض. ومع ذلك، فإن كتابة السلسلة تفشل في استغلال الغموض الذي يكتنف علاقتها بوالد شينجي، أو كونها نسخة مكررة. جميع الكشوف المتأخرة في السلسلة لا تؤثر على القصة، ثم تنتهي ببساطة، لكنني سأفصل في ذلك لاحقًا. مع المعلومات التي نعرفها عنها في نهاية العرض، تجعلها بأثر رجعي تبدو كخلاط أو شاكوش خالٍ من أي مشاعر.

إن شخصيات الراشدين في إيفانجيليون تمثل بلا شك أسوأ جوانب السلسلة، إذ تبدو إما زائدة عن الحاجة أو أن مشكلاتهم تستحوذ على وقت الشاشة من قضايا أكثر أهمية. والد شينجي يتمتع في البداية بإعداد مثير كخصم أو بطل مضاد، لكن كل هذا الإعداد لا يؤدي إلى شيء. إنه مهرج يثق في آلة باهظة الثمن لابنه الذي يتصرف كالقحبة، ولا يبذل أي جهد لجعل شينجي أو أي من الطيارين أكثر فعالية. أساسًا، هل يتطلب منك أن تجعل طياريك الثلاثة المتميزين أطفالاً (حرفيًا).

أما عن تقديم إيفانجيليون في زمن إنتاجها، فهو من الطراز الرفيع. بلا شك، فإن الأغنية الافتتاحية "A Cruel Angel’s Thesis" أيقونية حقًا، ولكن الموسيقى التصويرية الأصلية غالباً ما تكون جيدة بنفس القدر. تنسيق القتال بين الإيفات والأعداء مُتقن وحيوي، إذ يعكس إحساسًا قويًا بالحركة والتوتر (حتى وإن كنت لا أعتبر هذه القتالات أساسًا من أكشن الميكا لأنها حرفيًا عبارة عن تلاحمات بدنية). تصميم الشخصيات (أي رسمهم) قوي. لكن انتقادي الرئيسي لتصميم الشخصيات هو أن كل امرأة تقريبًا لها نفس نوع الجسم وملامح الوجه، مع تعديلات طفيفة في الألوان للدلالة على العمر. 


تبدأ القصة في الجزء الثاني بالتحسن مع تقديم شخصية آسكا. وهي باختصار تجسيد بسيط للغاية لنمط "التسوندري" المعروف، حتى أن كل حواراتها عبارة عن تسندرة صرف فتجدها تتفوه بعبارات مثل "هنتاي!" أو "باكا!" في كل جملة تقريبًا. قد يبدو هذا النمط مفرط الاستخدام، لكن بالنظر إلى عمر السلسلة، فإنه مقبول إلى حد ما. بالإضافة إلى ذلك، يلزم إيفانجيليون إلى شخصية واحدة على الأقل ليست هادئة ومكتئبة وإدجي + خرا.
"آسكا، بنت Smashable بصراحة"

تتحول المعارك مع الأعداء إلى صيغة تشبه "التحدي"، حيث يواجهون عددًا كبيرًا من الوحوش. هذا يحافظ على تسارع القتال وكفاءته، إذ لا يُتاح لهم الكثير من الوقت لتضييعه مع أي عدو معين. لكن المشكلة في الجزء الثاني هي أنه يضيع كمية هائلة من الوقت على الراشدين في الطاقم، وخاصةً على حياتهم العاطفية. للحظة، تساءلت عن سبب عدم ذكر أحد أن الحبكات الرئيسية تدور حول تجارب كاتسوراغي الرومانسية.
"الشرموطة آنفة الذكر"

تتجه السلسلة هنا إلى استكشاف العلاقات المعقدة بين الراشدين، مما قد يكون مثيرًا للاهتمام في سياق التنوع العاطفي، لكنه يأتي على حساب تطوير الشخصيات الرئيسية وتقدم القصة. هذا التركيز على قضايا هذه الشخصيات الخرا قد يجعل المشاهد يشعر بأن السلسلة تنحرف عن مسارها... قدي يجعل؟ ألووو... يُفترض أن تكون المعارك ضد الأعداء هي محور الأحداث. 

كان بإمكان "إيفانجيليون" أن يكون أكثر إقناعًا -على الأقل لي- لو أنه أبدى جهدًا في تطوير مشكلات شينجي. لو أنهم فقط ركزوا على الديناميكية بين شينجي وراي وآسكا، لكانوا قادرين على بناء دراما شخصية أكثر إثارة. وتطوير شخصية القحبة الفاشل شينجي ابن الحرام؛ بدلاً من ذلك، أضاعوا حلقتين أو ثلاثة حلقات في كاتسوراغي وهي تذهب إلى زفاف صديقتها وتتحسف على أنها أضاعت شبابها وأنها سلفع عانس. في الواقع، يفشل الكتاب في توضيح أن قيادة الإيفا تؤثر سلبًا على الأطفال. يُؤخذ إيفانجيون شينجي بالقوة ويُجبر على محاولة قتل صديقه سوزوهارا، فينهار ويتخلى عن البرنامج. لم يُعطَ هذا الموقف الوقت الكافي للتأمل بينما تُعطى تجارب الشرموطة كاتسوراغي المملة كل الأضواء.

وعن الجزء الثاني، فقد كان بإمكانهم استغلال الإعداد وتحويل القصة إلى شيء عظيم. إلا أن الفريق المبدع الBig brain لم يتفق على ما يجب أن تركز عليه القصة، لذا، بخلاف بعض المعارك الرائعة، فإن أفضل جزء من هذا العرض... لا وجود له حرفيًا، كل شيء عبارة عن خرا صرف. وللعلم؛ لم أتناول حتى الآن أسوأ جزء، وهو الجزء الثالث.

إن الجزء الثالث من "إيفا" هو المرحلة التي شخت فيها السلسلة على جميع عناصر الترابط السردي، وأي موضوعات كانت قد نمت في سياق الأحداث، أو أي بناء شخصيات تم إنشاؤه سابقًا. فإن الإجابات على كل سؤال تم طرحه حتى تلك اللحظة كانت إما ساذجة، أو غير مُرضية، أو مُعقدة بلا داعٍ. لم أكتشف حقيقة آدم، ومصدر عدوان الغزاة، والعديد من الأمور الأخرى التي ينبغي أن تكون واضحة دون الحاجة إلى البحث، إلا بعد الاطلاع على أول موقع ويكي فاندوم. العاملين على هذا الخرا (كسمهم كلهم على فكرة) كان عندهم ست وعشرون حلقة لشرح الأسس لهذه الأمور التي يقوم عليها العمل من الأساس، ولكنهم أضاعوا معظمها في الشراميط إلي مع شينجي وفي أمراضه النفسية المقدمة بأرخص طريقة ممكنة وما خدمت العمل في شيء سوى في دعم المشاهد على كره البطل الخرائي وزيادته خرائية أكثر مما هو خرا أصلًا.
"ابن الحرام من قوم لوط"

أما بالنسبة للحلقات الثلاث الأخيرة... أحلام العصر. قدم كاورو في الحلقة الرابعة والعشرين كآخر عدو قد تسلل إلى صفوف طياري "الإيفانجيليون"، ولكن لم يُستثمر فيه بأي شكل من الأشكال. كان هناك تلميح قوي بأنه ألوان وشاذ مهتم بنكح القحبة شينجي، دون أي مُبرر. يرسبن كاورو من العدم، ويغازل شينجي بدون سبب (غالبًا أعجبته مؤخرته وحسن أن البطل مأبون لا يصلح لشيء سوى ان يستعمل كأونا هول)، ثم يغدر، ثم يسمح لشينجي بقتله خلال حلقة مدتها أربعة وعشرون دقيقة وطبعًا تطرح منها أغنية البداية والنهاية. كان بإمكانه أن يكون خصمًا مثيرًا للاهتمام أو بطل مضاد لو كانت السلسلة قد خصصت له أي وقت حتى بالكذب (وبصراحة، الحمد لله أنها سلسلة زانية ولم تفعل لأن الشخصية خرا وعبارة عن ألوان وشذوذ مثل بني دعر الذين يطبلون لهذه القمامة).

كما أن ذلك يطرح تساؤلات مشوشة حول الاتجاه الذي كانت تنوي السلسلة السير فيه منذ البداية. على مدار السلسلة، يشكل شينجي رابطاً عاطفياً قويًا مع رَاي، ويواجه توترًا كبيرًا مع آسكا (التي استمنى -دلك النحاس- عليها وهي على شفا حفرة من الموت)، ثم في اللحظة الأخيرة، يُدفع نحو كاورو حتى ينيكه. ومن الغريب أيضًا أنهم لم يذكروا أن شينجي شاذ ومتناك ومأبون حتى تلك اللحظة، ولكن الأمر الأكثر غرابة هو أن كاورو ليس له أي ارتباط مع شينجي ورغم هذا يريد أن ينيكه. إدخاله في القصة من الأساس يعبّر عن سوء تخطيط و قحبنة زائدة.
"صورة توضح ما كان قوم لوط يفعلون قبل المضاجعة"

إن الحلقتين الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين تحتاجان إلى مناقشة مشتركة، إذ تشكلان محاضرة أو "ضرطة" مدوية تمتد لنحو خمسين دقيقة حول العدمية وعلم النفس الفرويدي. يُخصص لكل شخصية رئيسية جزءًا خاصًا بها، حيث تُواجه بآلامها النفسية وتصيح في وجه صدماتها النفسية، وتفاصيل كيف تركهم آباؤهم أو نشأتهم الصعبة (ياي، إدجي خرا، أنا الإيمو). هراء قد يؤدي بأي طالب في مادة الفلسفة 101 إلى الرسوب.

الحلقتان الأخيرتان هما في جوهرهما ضرطة أو كما يقول إخواننا في مصر "فسية" خام، تُعبر عنها كل شخصية في طاقم العمل، لكنها هبد عشوائي في الحقيقة. لقد سمعنا وعشنا كيف عانى هؤلاء الأشخاص من والديهم، وكيف أنهم لم يتعاملوا بعد بشكل كامل مع تلك المعاناة، ولكن ذلك يبدو خرا ودلع زائد. لا يوجد جدوى من كل هذا الضراط عند تجميعه خارج السياق، يصبح بلا معنى (هبد). حرفيًا يتركون خيوط القصة معلقّة، وينفصلون عن الحبكة في لحظة كان من الممكن أن تكون ذروتها، مما يجعلها لحظة مهمة.

كل هذا الضراط بقدر ما هو سخيف ومتت ضحك من الكرنج إلي شفته فيه، لكن قدم أيضًا بشكل جاد، بل ومفرط الجدية! تجسد قمة الإيموية الكرنجية. العمل شخ على كل موضوع وشخصية عمل على تطويرها ليكسر الحائط الرابع ويخطب إلى الجمهور بأن الوحوش الحقيقية طوال الوقت كانت الاكتئاب وتربية سيئة. إن تحويل هذه القصة المتوسطة (MID) إلى قرار بأن الأفضل هو عدم تقديم شيء هو ما يجعلني أشعر بغضب صارخ تجاه هذا الخرا الذي اسمه "إيفانجيليون". النهاية لا تعني شيئًا، والساعات التي قضيتها وأنا أشاهد لا تعني شيئاً. العمل حرفيًا أراد فقط إضاعة وقتك.
"مأبون"

بكل اختصار، لقد ضيع "نيون جينيسيس إيفانجيليون" وقتي. إن لم تكن قد شاهدته بعد، فلا تدعه يضيّع وقتك. لست من الذين يرون أن كون شيء ما كلاسيكيًا معناه أنك تتابعه لزومًا؛ "إيفانجيليون" فظيع وخرا وسيء جدًا جدًا جدًا جدًا إلى أبعد الحدود، مهما وصفت خرائية هذا العمل فلن أعطيها حقها من النتانة. مدهش فعلاً كيف أصبح خرا فاخر "إيفانجيون" بهذا القدر من الشهرة.

كل أنميات الميكا التي سخر منها ويسخر منها إلى اليوم من قوة خرائيتها تستحق وقتك أكثر من "إيفانجيليون". والله حتى إن "دارلينغ في فرانكس" يستحق وقتك أكثر، وحتى نهايته كانت أحسن بمليون مرة، على الأقل كانت فيه نهاية حقيقية، لأنه لم يتظاهر أبدًا بأنه يحمل أفكاره الخاصة والمميزة والإدجي. إذا كنت بحاجة لمشاهدة كلاسيكيات الميكا، يمكنك بسهولة مشاهدة "كود جياس" أو "كاندام" أو "باتلابور"، لكن الهدف الوحيد لـ"إيفانجيون" هو أن يخيّب آمالك. يأخذك في رحلة تمتد عبر ست وعشرين حلقة، ليخبرك في النهاية أن كل ذلك لم يكن له أي قيمة، وأنك أحمق لاعتقادك بوجود شيء يستحق، نحن نتقحبك عليك فحسب يا تافه.

"غلاف Patlabor"

في النهاية، أترك لكم هذه العينة من جمهور وعشاق هذا العمل الرخيص لتعرفوا نوعية الناس التي تحب هذا الخرا:


إرسال تعليق

لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.